صلاح الدين الأيوبى

نشأته
هو يوسف بن نجم الدين أيوب بن شادي المرواني الكردي، الملقب بصلاح الدين.  ( 1137 م / 532 هج – 1193 م / 589 هج). مقاتل و بطل من أبطال العروبة و الإسلام. تتفق أغلب المصادر التاريخية أنه من أصل كردي، و ولد في تكريت بالعراق عام 532 هج / 1137 م.
نشأ صلاح الدين في بلاط عماد الدين زنكي، و هو أول من وحد العرب و قاتل بهم الصليبيين و أسقط إمارة الرها الصليبية. و كان أبوه نجم الدين يتولي حكم مدينة بعلبك من قبل عماد الدين. فقضي صلاح الدين طفولته في كنف أبيه في بعلبك، و حفظ القرآن و درس الفقه و الحديث و المذهب السني.
عاصر صلاح الدين حوادث كبيرة شكلت شخصيته و شحذت فكره و بصيرته. فبحكم ملازمته لعمه أسد الدين شيركوه و عماد الدين زنكي، شهد صلاح الدين سقوط أول إمارة صليبية في يد المسلمين و هي إمارة الرها عام 1144 م / 539 هج. فكان خبر سقوطها يوم عيد للمسلمين، كما أنه أهاج ملوك أوروبا و جعلهم يرسلون الحملة الصليبية الثانية.
و بعد مقتل عماد الدين زنكي، لازم صلاح الدين نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي، و انتقل معه إلي دمشق. و رأي صلاح الدين كيف قام نور الدين بتوحيد إمارات الشام الإسلامية و شكل جبهة موحدة من إمارات دمشق و حلب و الموصل ضد الصليبيين.

قدومه إلي مصر
و في الخامسة و العشرين من عمره جاء صلاح الدين الأيوبي لأول مرة إلي مصر مع عمه أسد الدين شيركوه علي رأس حملة لإعادة شاور إلي كرسي الوزارة و ضم مصر إلي تبعية نور الدين محمود زنكي. و الحقيقة أن صلاح الدين قد خرج مكرهاً. فيروي أنه قال : “خرجت مع عمي كارهاً و انا كمن يقاد غلي الذبح”.


و لكن هذه الحملة زادت من خبرة صلاح الدين العسكرية و قدراته التفاوضية. فقد واجهت الحملة صعوبات كبيرة تمثلت في حصار الصليبيين لها في بلبيس لمدة ثلاثة أشهر، حتي اضطر شيركوه أن يوافق علي الخروج من مصر مقابل خروج الصليبيين أيضاً.
و في الحملة الثانية وقع صلاح الدين مع حاميته تحت حصار الصليبيين له في الاسكندرية لمدة أربعة أشهر، و اضطر شيركوه أن يدخل في مفاوضات مع اموري الصليبي لفك الحصار، و تم الاتفاق علي أن ينسحب  أسد الدين شيركوه بجيشه من مصر و أن تدفع الضرائب من مصر لأموري ملك بيت المقدس في مقابل جلاء القوات الصليبية عن مصر. و كانت هذه المفاوضات هي أول اتصال مباشر بين صلاح الدين و الصليبيين.
و يحسب لصلاح الدين أنه أدار المفاوضات بمهارة و حصل علي جلاء الصليبيين عن مصر. و يقول صلاح الدين عن فترة حصاره في الاسكندرية ” و الله لو أعطيت ملك مصر ما سرت إليها، فلقد قاسيت بالاسكندرية من المشاق ما لا انساه أبداً. ”
و لكن حملة أسد الدين شيركوه الثالثة إلي مصر نجحت في صد حملة الصليبيين و إسقاط الخلافة الفاطمية، و تولي صلاح الدين وزارة مصر بعد وفاة عمه أسد الدين شيركوه في 26 مارس عام 1169م / 25 جمادي الآخر 564 هج.
و بعد وفاة الخليفة العاضد الفاطمي، حكم صلاح الدين مصر منفرداً و لقب بالسلطان الناصر صلاح الدين، و استمر حكمه لمصر 24 عاماً تقربياً.

حروبه مع الصليبيين
بعد أن استقر به الأمر في مصر، عزم صلاح الدين علي توحيد مصر و الشام لقتال الصليبيين، و خاصة بعد وفاة نور الدين محمود.
استولي صلاح الدين علي دمشق و حمص و حماه، و بسط سلطانه علي الجزيرة ( العراق) حتي وصل إلي نهر الفرات، و بذلك تم له توحيد معظم الإمارات الإسلامية و خاض بهم معركة حطين عام 583 هج / 1187م، و انتهت بنصر كبير للمسلمين، استعاد صلاح الدين مدن الشام و فلسطين، و دخل القدس يوم الجمعة 27 رجب 583 هج/ 2 ديسمبر 1187م.
ثم جاءت الحملة الصليبية الثالثة بقيادو ريتشارد قلب الأسد، ملك إنجلترا، و دار القتال مع صلاح دين سجالاً دون انتصار أحد منهم. و انتهي القتال بصلح الرملة 588 هج / 1192م. و بمقتضاه أصبحت جميع أراضي فلسطين و الشام في يد المسلمين ما عدا شريط حدودي بين صور و يافا و يشمل عكا و حيفا و قيسارية
وفاته
وفي يوم السبت 16 صفر عام 589 هج /1193 م اعتراه الحمي الصفراء، فلما اشتد عليه المرض بويع لابنه الأفضل نور الدين علي.
و في ليلة 27 من صفر استدعي الشيخ أبا جعفر ليقرأ له القرآن و يلقنه الشهادة إذا حان الأجل، فذكر أنه عندما قرأ ” هو الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة ” قال صلاح الدين ” و هو كذلك صحيح”، فلما أصبح الصباح قرأ القارئ ” لا إله إلا هو عليه توكلت” تبسم وجه صلاح الدين و أسلم روحه إلا بارئها.
توفي صلاح الدين الأيوبي و هو يبلغ من العمر 57 عاماً و دفن بداره بالقلعة بجوار المسجد الأموي بدمشق. و أقيم العزاء في المسجد الأموي لمدة ثلاثة أيام حضره الخاص و العام و الرعية و الحكام. و أخذ الناس في العويل و الانتحاب و الدعاء له و الابتهال. و لقد أمر القاضي الفاضل بدفن سيفه الذي جاهد به معه فيبعث معه يوم القيامة يتوكأ عليه حتي يدخل الجنة إن شاء الله.
كان جواداً سجياً علي أمرائه و قواده ، حتي علي أعدائه. و كان لا يلبس إلا القطن و الكتان و الصوف. و كان مواظباً علي الصلوات في أوقاتها في جماعة حتي في أيام مرضه الأخيرة. كان رقيق القلب سريع الدمعة عند سماع الحديث.  خلف من الأولاد 17 ذكراً و أنثي واحدة.

المراجع:
البداية و النهاية، الحافظ ابن كثير، الطبعة السادسة 1985 م ، مكتبة المعارف، بيروت
الموسوعة العربية الميسرة، دار الجيل و الجمعية المصرية لنشر المعرفة و الثقافة العالمية، الطبعة الثانية 2001
الأعلام ، الزركلي ، الطبعة الخامسة عشر 2002 ، دار العلم للملايين ، بيروت
Thanks For Making This Possible! Kindly Bookmark and Share it.

Technorati Digg This Stumble Stumble Facebook Twitter
 

Post a Comment

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyright © 2011. تاريخ مصر - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website Published by Mas Template
Proudly powered by Blogger