الإمام الشافعى

هو أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي من قبيلة عبد مناف. ولد الإمام الشافعي في مدينة غزة سنة 150 هج، فقد خرج أبوه من مكة إلي فلسطين لحاجة ثم توفي بها، و لقد كان يوم ولادته هو يوم وفاة الإمام أبي حنيفة.
عادت به أمه إلي مكة و هو ابن سنتين خوفاً من ضياع نسبه. و عاش بشعب الخيف حياة فقر و عوز. و حفظ القرآن صغيراً ثم خرج من مكة و نزل عند قبيلة هذيل يتعلم العربية،  و كانت قبيلة هذيل لها شهرة عريقة في الشعر و هي أفصح العرب.و في العشرين من عمره أشار عليه رجل من بني عمه أن يقصد الإمام مالك في المدينة ليتتلمذ علي يديه،  فعمد إلي أن يحفظ كتاب موطأ مالك قبل أن يقابله ، فحفظه في تسعة أيام، ثم ذهب إلي الإمام مالك الذي أعجب به و قال له ” يا محمد: اتق الله و اجتنب المعاصي ، فإنه سيكون لك شأن. إن الله قد ألقي علي قلبك نوراً فلا تضيعه بالمعصية. “.
و أصبح الشافعي تلميذه و دامت ملازمته حتي توفي الإمام مالك عام 179 هج، و كان الشافعي في التاسعة و العشرين من عمره.

و علي الرغم أن الإمام مالك يعد أستاذ الإمام الشافعي، فإن ذلك لم يمنع الإمام الشافعي من الاختلاف مع بعض آراء مالك. لأن العلماء المسلمين في ذلك الوقت لم يكونوا يصبغون آراء علمائهم بصفات التقديس و عدم المساس كما يفعل العلماء المسلمون الآن. بل بالعكس كانوا يرون أن جل ما جادت به قريحتهم هو مجرد رأي، قد يتفق أو يختلف معه آخرون. فيقول الإمام أبي حنيفة في ذلك ” علمنا هذا رأي، و هو آخر ما قدرنا عليه، فمن رأي غير ذلك فله ما رأي و لنا ما رأينا “.


كثرت أسفار الشافعي بين اليمن و مكة و بغداد و بلاد فارس يلتقي بكبار المشايخ و تدور بينهم الحوارات و المناظرات حتي ذاع صيته.
و الحقيقة أن منهج الإمام الشافعي كان من التميز بحيث أنه جمع بين العقل و النقل. فكان العلماء في عصره ينتمون إما إلي أهل الحديث أو أهل الرأي. أهل الحديث هم حافظون لأحاديث الرسول صلي لله عليه و سلم و عالمين بالسيرة ، و لكنهم غير قادرين علي النظر و الجدل و الخول في محاورات تخضع للحجة و الإقناع. و أهل الرأي كانوا أصحاب نظر و جدل ، و لكنهم غير عالمين بالسنن.
فجاء الإمام الشافعي ليجمع بين معرفة الأحاديث و السنن من ناحية و بين معرفة فنون الجدل و المحاورة و إقامة الحجة و البرهان من ناحية أخري.
دخل الشافعي مصر عام 199 هج ، و كان مذهبا مالك و أبي حنيفة هما المنتشرين في مصر في ذلك الوقت. و لكن الشافعي ما لبث أن ذاع صيته و انتشر مذهبه بصورة كبيرة حتي أصبحت مصر معقل المذهب الشافعي من بين الأقطار الإسلامية.
و في مصر راجع الشافعي كتاب الرسالة الذي كان قد كتبه في مكة، و اسماه الرسالة الجديدة. و يعد كتاب الرسالة أشهر كتب الإمام الشافعي علي الإطلاق، و يعد الكتاب المؤسس لعلم أصول الفقه الإسلامي. و جمع فيه معاني القرآن و حجة الإجماع و بيان الناسخ و المنسوخ من القرآن و السنة و اساليب استنباط الأحكام الفقهية. يقول أحمد بن حنبل عن “الرسالة” أنه ” بيان أصول الفقه”
مكث الشافعي في مصر ستة أعوام، يلقي دروسه في جامع عمرو و يراجع كتبه التي كتبها من قبل حتي توفي بها في رجب من عام 204 هج و هو في سن الرابعة و الخمسين و دفن بها.
بعض كتب التاريخ ذكرت عن وفاته أنه في يوم من الأيام بينما الأمام الشافعي يجلس في المسجد، تربص به بعض السفاء ممن تعصبوا لأعدائه في العلم، و انتهزوا فرصة خلو حلقة درسه من الدارسين، فانهالوا عليه ضرباً مبرحاً بالعصي حتي سقط مغشياً عليه و هربوا. حُمل الإمام إلي بيته و هو ينزف، و لم يسعفه العلاج فتوفي يوم 28 رجب 204 هج.
بقي المذهب الشافعي في مصر قوياً حتي الفتح الفاطمي عام الذي عمل علي نشر المذهب الشيعي. و لكن بعد زوال الخلافة الفاطمية، أعاد الأيوبيون المذهب الشافعي إلي سابق عهده ، و ظل كذلك حتي جاء الظاهر بيبرس وقرر أن يكون هناك أربع قضاة يقضون بالمذاهب الأربعة حسب المذهب الذي ينتمي إليه المتقاضون.
و عندما جاء العثمانيون إلي مصر اقروا المذهب الحنفي في المرتبة الأولي في القضاء. ثم جاء محمد علي فثبت العمل بالمذهب الحنفي و ألغي العمل بالمذاهب الأخري.
دفن الإمام الشافعي في الموضع الحالي حيث مقابر بني عبد الحكم في القرافة الصغري. و عندما جاء صلاح الدين الأيوبي إلي مصر أراد إحياء المذهب السني فقام بإنشاء ضريح فوق مدفن الإمام الشافعي، و بني بجانبه المدرسة الصلاحية لتدريس المذهب الشافعي.
و بعد انهيار المدرسة الصلاحية، أنشأ عبد الرحمن كتخدا عام 1175 هج مسجداً كبيراً باسم مسجد الإمام الشافعي بالقرب من جامع الإمام الليث بن سعد.
كما ذكر المقريزي أن الملك الكامل الأيوبي دفن ابنه بجوار قبر الإمام الشافعي و بني قبة كبيرة علي القبر.
و يوجد الآن بالضريح الذي يحتوي علي مقبرة الإمام الشافعي أربع مقابر، الأولي هي للإمام الشافعي، و الثانية لأم الملك الكامل الأيوبي، و الثالث للسلطان الكامل الأيوبي،و الرابع للسيد محمد بن عبد الحكم.

و يعد ضريح الإمام الشافعي هو أكبر ضريح مستقل بني في مصر. و قبته كبيرة تشبه قبة مسجد قبة الصخرة في القدس.

Thanks For Making This Possible! Kindly Bookmark and Share it.

Technorati Digg This Stumble Stumble Facebook Twitter
 

Post a Comment

 
Support : Creating Website | Johny Template | Mas Template
Copyright © 2011. تاريخ مصر - All Rights Reserved
Template Created by Creating Website Published by Mas Template
Proudly powered by Blogger